ALMAF!A
Would you like to react to this message? Create an account in a few clicks or log in to continue.
ALMAF!A

WELCOME
 
HomeHome  البوابةالبوابة  Latest imagesLatest images  RegisterRegister  Log inLog in  

 

 ادهم صابري 2

Go down 
AuthorMessage
the king
مشرف
مشرف



Male
Number of posts : 42
Registration date : 2007-10-10

ادهم صابري 2 Empty
PostSubject: ادهم صابري 2   ادهم صابري 2 Icon_minitimeThu Nov 08, 2007 10:27 pm

راجع مدير المخابرات العامة في مقعده في بطء، وهو يتطلَّع إلى "صبري"، قبل أن يقول:
- لقد طالعت تقريرك مرتين يا "صبري"، ولكن الفكرة تبدو لي مبالغة بعض الشيء، وإن كنت أعترف بأنها مبتكرة.

هزَّ "صبري" رأسه، قائلاً:
- ليست مبتكرة تماماً، فقد اقتبستها من المخابرات السوفيتية، أو بمعنى أصح، من الثورة البلشفية(*)، فعند اندلاعها، تم اعتقال الآلاف من معارضيها، وكوسيلة انتقامية منهم، حشدوا أطفالهم في مدارس خاصة، أطلقوا عليها اسم مدارس (الكي. جي. بي)، مهمتها أن تنشئهم على نفس المبادئ، التي يعتنقها ذويهم، ولقد أسفر هذا عن جيل شديد الولاء للمبادئ الشيوعية؛ لأنه تعلمها منذ نعومة أظافره(**).

قال المدير مشيراً بيده:
- الأمران يبدوان لي مختلفين تماماً.

قال "صبري" في حماس:
- كلا في الواقع يا سيِّدي، فكل ما فعلته هو أن طوَّرت الفكرة، في إطار مختلف، فبدلاً من تلقين المبادئ الشيوعية للصغار، سندربهم على أعمال المخابرات، وسنصنع منهم أعظم رجال مخابرات في المستقبل.

قال المدير في حزم:
- ولكن هذا يتعارض مع طفولتهم، ويحرمهم من أجمل سنوات عمرهم.

هزَّ "صبري" رأسه مرة أخرى في قوة، وهو يقول:
- لن يشعروا بأي حرمان يا سيادة المدير، بل على العكس تماماً، سيبدو لهم كل شيء أشبه بلعبة طريفة، ومسابقة ممتعة، وسيكتسبون المهارات المختلفة، وكل الخبرات المطلوبة، في سنوات نموهم الأولى.

قال المدير بنفس الحزم:
- وسيحرمون من الاختيار أيضاً، بعد أن حددنا لهم مستقبلهم، منذ نعومة أظافرهم.

هتف "صبري":
- سيصبحون أعظم رجال مخابرات:

هتف المدير بدوره:
- على الرغم منهم.

زفر "صبري" في توتر، فأضاف المدير في صرامة:
- ثم من ذا الذي يمنحك ابنه، لتصنع منه هذا؟!.. أي أب هذا، الذي يمكن أن ينشئ ابنه، من أجل عالم لا يهدأ أو ينام أبداً؟!

استعاد "صبري" حماسته، وهو يجيب:
- لا أحد.. ولن نطالب أحداً بهذا.. سنستعين بأطفال دور الأيتام.

ارتفع حاجبا المدير، في دهشة مستنكرة، قبل أن يقول:
- لا يعني كونهم أيتاماً أنه لا يوجد من يرعاهم، أو يهتم بشأنهم.. هناك مؤسسات عديدة ستعارض هذا بشدة.

ثم تراجع في مقعده، وأضاف بمنتهى الحزم:
- لقد كان "حسن" على حق.. هناك ثغرة ضخمة في نظريتك.

قال "صبري" في توتر:
- ولكن النتائج..

قاطعه المدير في صرامة:
- بلوغ الغايات لا يبرِّر سوء الوسائل يا "صبري".. لو أقررنا هذا المبدأ ستفسد الدنيا كلها، بحجة الإصلاح، ولا تنسى أن الطريق إلى الجحيم، مفروش دوماً بالنوايا الطيبة.

ارتسم يأس عصبي على وجه "صبري"، وهو يتراجع، مغمغماً:
- أيعني هذا أن...

قاطعه المدير مرة أخرى في صرامة:
- نعم.. الفكرة مرفوضة تماماً.

نطقها في حزم وصرامة، فتفجَّرت في أعماق "صبري" مرارة..
مرارة بلا حدود..

"كنت أعلم هذا.."..
نطق "حسن" العبارة في أسى، وهو يربت على كتف "صبري"، الذي جلس خلف مكتبه واجماً، فتابع "حسن":
- لم يكن من الممكن أبداً أن يوافقوا على فكرة كهذه.. ليس لأنها فكرة سيئة، ولكن لأنها تسبق زماننا بكثير يا رجل.. ألا تعرف الحكمة التي تقول: "ويل لمن سبق عقله زمانه".

أدار "صبري" عينيه إليه في صمت، استغرق نصف دقيقة، قبل أن يقول في خفوت:
- أظنهم خسروا فرصة نادرة.

ربَت "حسن" على كتفه مرة أخرى، وقال:
- أنا واثق من هذا.. ولكنهم لن يدركوا أبداً ما فقدوه.

قال "صبري" في حزم:
- سيدركونه، لو قدمنا لهم نموذجاً واحداً.

هزَّ "حسن" رأسه، قائلاً:
- ومن أين لنا بهذا؟!.. هل تتصوَّر أن أي مخلوق يمكن أن يضع ابنه، في تجربة كهذه.

هتف "صبري" في انفعال:
- ألا تدرك ما سيصبح عليه ذلك الابن؟!.. أراهنك أنه سيصبح حالة فريدة في عالم المخابرات.. وربما في عالم الأرقام القياسية أيضاً.

قال "حسن":
- ربما، ولكن هذا حتماً سيحرمه الكثير.. والكثير جداً..
وأي أب سيفكر في هذا، وسيفضِّل أن يحظى ابنه بحياة عادية.

ثم مال نحوه، وواجهه مباشرة، وهو يكمل:
- أنت شخصياً، حاول أن تسأل نفسك.. هل يمكن أن تعرِّض ابنك لهذا؟!

اتسعت عينا "صبري"، وهو يحدِّق فيه، فتابع في حزم:
هل رأيت كيف أفزعتك الفكرة؟!

تألَّقت عينا "صبري"، على نحو عجيب، وهو يقول:
- وماذا لو أنها لم تفزعني؟!

هتف "حسن":
- في هذه الحالة..

استوقفه "صبري" بإشارة صارمة من يده، قبل أن يكمل عبارته، وغمغم في انفعال عجيب:
- كفى... لا أريد أن أسمع كلمة أخرى.

ثم تراجع في مقعده، وشرد بصره على نحو عجيب، وهو يضيف:
- أريد أن أفكِّر.

كان لدى "حسن" الكثير ليقوله، إلا أنه احترم موقفه، ولاذ بالصمت، وتركه يفكِّر..
ويفكِّر..
ويفكِّر..
بمنتهى العمق..

"أبي.. لماذا تحدِّق فينا هكذا؟!.."
ألقى "أحمد" الصغير السؤال في براءة، وهو يندس بين ساقي والده الذي ربت على رأسه في حنان، وهو يقول:
- لا شيء يا صغيري.. إنها فكرة تجول في رأسي، بشأنك أنت وشقيقك الأصغر "أدهم".

هتف "أحمد" في مرح:
- هل سنذهب لزيادة جدنا؟!

حاول "صبري" أن يبتسم، وهو يغمغم:
- ليس اليوم يا صغيري.. ليس اليوم بالتأكيد.

نطقها، وهو يتابع لهو صغيره "أدهم"، الذي تجاوز الثالثة من عمره بالكاد، وانهمك في محاولة تفكيك لعبة ذات زنبرك، في أحد أركان الحجرة..

وفي تلقائية بريئة، تسلَّق "أحمد" ساقيه، وجلس على ركبتيه، وتساءل:
- أين سنذهب إذن؟!

ضمه "صبري" إليه، وهو يواصل التفكير، في ذلك الأمر الجنوني، الذي سيطر على كيانه كله، وراح يراقب "أدهم"، الذي حوَّل اللعبة إلى قطع صغيرة، ثم راح يحاول إعادة تركيبها، في اهتمام بالغ، لا يتناسب مع سنوات عمره الثلاث..
ثم فجأة، اتخذ "صبري" قراره..

حزم مفاجئ سرى في كيانه، وجعله يسأل صغيره "أحمد" في اهتمام بالغ:
- ما رأيك في لعبة جديدة؟!

صفق "أحمد" بكفّيه في جذل، وهو يقول:
- لعبة جديدة؟!.. هل ستحضر لي لعبة جديدة؟!

أجابه في لهفة:
- لن نحضرها، وإنما سنمارسها معاً.

ثم رفع عينيه إلى "أدهم"، وقال في حماس:
- "أدهم".. تعال يا صغيري.. ستشاركني أنت وأخوك لعبة جديدة.

نهض "أدهم" الصغير في حماسة، وأسرع إلى والده في فرح، فضمه إليه في حنان وحميّة، وهو يقول:
- سنبدأ معاً مجموعة من الألعاب الجديدة الممتعة.. ألعاب ستغير مجرى حياتكما.. إلى الأبد.

وكانت هذه هي البداية..
الفعلية.

* * *

(*) الثورة البلشفية: (1917م): ثورة قام بها الفلاحون والعمال، في روسيا البيضاء، بعد فترة طويلة من حكم الإمبراطور "إيفان"، من عائلة "رومانوف"، والذي كان طاغية جبارا، ولقد تزعَّم الثورة "لينين"، مستنداً إلى مبدأ الماركسية، الذي يمكن اختصاره في مبدئها "كلٌّ حسب طاقته، ولكلٍّ حسب حاجته".



(**) واقعة حقيقية.
Back to top Go down
 
ادهم صابري 2
Back to top 
Page 1 of 1
 Similar topics
-
» ادهم صابري 6
» ادهم صابري 8
» ادهم صابري 5
» ادهم صابري
» ادهم صابري 3

Permissions in this forum:You cannot reply to topics in this forum
ALMAF!A :: المنتدى العام :: منتدى القصص و الروايات-
Jump to: